دراسـة في رسالة يعقوب 7


رسالة يعقوب" الطريق إلى النضج الروحي"
الدرس السابع
الاصحاح الأول

"فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!" (متى 7: 11)
الله أبونا، الذي يشبع بالخير عمرنا (مزمور ١٠٣: ٥)، الذي لا يمنع خيراً عن السالكين بالكمال (مزمور ٨٤: ١١)، الذي يعطي الجميع بسخاء، الذي يفتح يديه فيشبع كل حي من رضاه (مزمور ١٤٥: ١٦).
"كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ." (يعقوب 1: 17)
أول مرة بل هي المرة الوحيدة التي يُسمى فيها الله "أبي الأنوار" وكلمة "الأنوار" هي الأجسام السماوية المضيئة، الله هو أبونا، هو أبو الرأفة (٢كورنثوس ١: ٣)، أبو المجد (أفسس ١: ١٧). أبو الأرواح (عبرانيين ١٢: ٩)، الله أبونا (أفسس ٤: ٦)، حقاً هو مصدر الأنوار أيضاً، فهو نور وليس فيه ظلمة البتة (١يوحنا ١: ٥)، هو خالق الأنوار، النورين العظيميين (مزمور ١٩: ١، ١٣٦: ٧)، هذه الأنوار متغيرة في قوة سطوعها وحركتها. لذا حين استخدم يعقوب تعبير "أبي الأنوار" فقد أصاب الهدف في وصفه للثبات وعدم التغيير في شخص الله، فهو ينفي مستخدماً (ليس) الحقيقة بل إمكانية حدوثها أيضاً، فلا تغيير في صلاح الله، لا تغيير في أمانته وقدرته، وكلمة "تغيير" ذُكرت هنا فقط للإشارة للضوء المتغير المنبعث من الشمس والقمر، لا تغيير ولو طفيف في طبيعته المميزة، هو اللابس النور (مزمور١٠٤: ٢)، الساكن في نور لا يُدنى منه (١تيموثاوس ٦: ١٦).
واحدة من أهم أكاذيب العدو أن الله أبونا يمنع عنا الخير لأنه لا يحبنا، ولا يهتم ولا يعتني بنا. حين اقترب من حواء شوّه الحقيقة أو بادرها بتشكيك في محبة الله "لو كان الله يحبكما لما منعكم من الأكل؟؟ وجرب يسوع "إن كنت ابن الله..."
الله هو أبونا الصالح لذا نحن لا نحتاج أي شخص آخر أن يُسدد لنا أعوازنا. ولأنه مصدر العطايا، والمواهب الصالحة فيستحيل أن يُجرب بالشرور.
وللدارس أن يلاحظ أن أصل الكلمتين "عطية. موهبة" يعطي معنى العطاء من شخص مُسرِف في عطائه والعطية والموهبة صالحة (مفيدة)، وتامة (نافعة) في تأثيرها، ولا ينقصها شيء لإفادة ونفع مستقبليها.
هذا الإله أبونا يُسـَّر ويُـسرِّف في عطائه، هو مصدر الخير، من يعطي عطايا ومواهب، وهو المصدر المستمر لها (نازلة)، والعطية والموهبة تصمم في السماء وتستعلن في الأرض.

ما المقصود بالتعبير " َليْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ."
  • ليس: تنفي، ولكنها لا تنفي الحقيقة فقط ولكن إمكانية حدوثها أيضاً.
  • أما تغيير: ذُكر هذا الفعل هنا مرة واحدة وتشير لتغيير وضع أو شكل معين، فلا تغيير في صلاح الله، وإحساناته أبداً.
  • والظل: الذي يحدث بالدوران أيضاً ذكر مرة واحدة، فقط هنا وهي تستخدم في وصف حركة الأجسام السماوية من مكان لآخر
فالحقيقة هي أن الله ثابت لا يتغير
" شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ. " (يعقوب 1: ١٨).
كما ذكرنا سالفـًا فإن الخطية تلد موتـًا، ولأن الله أبونا أبو الرأفة لم يرد أن يُبقي خليقته الساقطة تحت حكم الموت إلى النهاية، فبحريته وملئ مشيئته يريد أن يخلصنا، فهو لا يُـسر بموت الخاطئ مثلما يرجع وتحيا نفسه (حز ١٨: ٢٣)، وهو يريد أن الجميع يخلصون (١تيموثاوس ٢: ٤)، يسوع هو الكلمة "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ.." (يوحنا ١: ٢)، وهو الحق وكلامه حق (يوحنا ١٤: ٦).
إذن مشيئة الرب هي خلاصنا.
ولأن الطبيعة القديمة الساقطة غير قابلة للتحسن كما يقول في سفر إرميا " هَلْ يُغَيِّرُ الْكُوشِيُّ جِلْدَهُ أَوِ النَّمِرُ رُقَطَهُ؟ " (إرميا ١٣: ٢٣).
فلا يصير الخاطئ ابن الله، وله حياة جديدة وأبدية مضمونة إلا من خلال الولادة الجديدة. " وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ." (يوحنا 1: 12) (بكلمة الحق). فالخاطئ يولد من الروح القدس حينما يؤمن بالرب يسوع، وبما فعله على الصليب. والروح القدس يستخدم كلمة الله في إعلان الحق لإحداث الولادة الثانية " أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ. (١كورنثوس٤: ١٥)، "مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَد" (١بطرس ١: ٢٣، ٢٥). الكلمة هي أداة الولادة الإلهية، الروح القدس هو روح الحق (يوحنا ١٦: ١٣)، ويعقوب يقول كلمة الحق. إذن روح الحق يعلن الحق والحق يجعل الإنسان يتوب ويؤمن، والإيمان يأتي له بالميلاد الجديد.

ما هو الغرض من الولادة الجديدة؟
هدف الله هدف مجيد أن نكون باكورة من خلائقه، صرنا شركاء في الميراث (أفسس ٣: ٦)، شركاء في الخلود (٢تيموثاوس ١: ١٠)، والباكورة هي للرب، كانت تُـقدّم قبل أن يُستخدم النتاج الباقي في الأغراض العادية (لاويين ٢٣: ٩ ـ ١١، تثنية ١٨: ٤)، والكلمة "باكورة" لها دلالة ومعنى جميل في أذهان اليهود المؤمنين إذ قدم نفسه قرباناً وذبيحة لنكون نحن باكورة أيضـًا مخصصين. المسيح هو البكر بين أخوة كثيرين له.

أسئلة للبحث والدراسة الشخصية:
بعد قرائتك للدرس السابق، ابحث عن إجابة لهذه الأسئلة
  • ذكر الكتاب المقدس العديد والعديد من العطايا الصالحة البعض منها في هذه الشواهد، ابحث عنها (إشعياء ٥٤: ٤، ٥، إرميا ٢٤: ٧، حزقيال ١١: ١٩، متى ١١: ٢٨، ولوقا ١١: ١٣، ويوحنا ١٠: ٢٨).
  • ذكرنا هنا أحد أسماء الله أبونا "أبي الأنوار". اكتب بعض الأسماء الأخرى من هذه الشواهد (تكوين ١٧: ١، مزمور ٧١: ٢٢، ١صموئيل ١: ١١، تثنية ٣٢: ٨، ١أخبار الأيام ٢٩: ١٠).
  • هناك أسماء ذكرها بولس أنها باكورة من هم وأين كانوا (رومية ١٦، ١كورنثوس ١٦).
يمكنك ارسال أي مشاركات أو استفسـارات إلى البريد الالكتروني:   salam_akeed@yahoo.com