دراسـة في رسالة يعـقوب 3

رسالة يعقوب" الطريق إلى النضج الروحي"
الدرس الثالث
الاصحاح الأول
"لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ" (عبرانيين 10: 36)
امتحانات للبناء
"عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا .. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ" (يعقوب 1: 3، 4)
سريعــًا ما يكمل يعقوب كلامه،  موضحـًا السبب الوحيد للفرح في وقت التجارب، فيسترسل في كلامه قائلاً: "عالمين" أي أن قُراء الرسالة لم يكونوا جهال بهذه الحقيقة، ولكن عليهم أن يستمروا في الإيمان بها، وإذ كان قد شرح في العدد السابق حتمية اجتياز اختبارات وامتحانات، فها هوهنا يعلنها صراحة أن هذه الامتحانات ضرورية لبناء الإنسان الروحي، ونضج شخصيته.
الإيمان يُختبر
دعى الرب إبراهيم أن يخرج تاركـًا أرضه وعشيرته، ولم يعطه خريطة كاملة أو محددة الأبعاد، فخرج إبراهيم وهو لا يعلم إلى أن يأتي، وتتوالى الامتحانات وتتدرج في عمقها إلى أن يصل إلى قمة الصعوبة حين يقول له الرب "خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، .. ، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً (تكوين 22: 2) ويقول عنه، "ولا بعدم إيمان ارتاب في وعد الله بل تقوى بالإيمان معطياً مجداً لله"، وينجح إبراهيم بامتياز ويسميه الرب "خليلي"، نعم الامتحانات لم تكن لتعجيزه أو تدميره بل هي عامل مساعد لبناء الإيمان (تكوين  12 :1 -  4   ، عبرانيين ١١: ٨، تكوين ٢٢: ٢، رومية ٤: ٢٠، ٢١، وإشعياء ٤١: ٨).
امتحانات الإيمان هي لخيرنا وليست ضدنا "لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا." (٢كورنثوس ٤: ١٧)، ويتحدث الرسول بطرس كثيراً عن الآلام التي بحسب مشيئة الله كيف هي لخيرنا فعلينا أن ننظر لمن تألم لأجلنا تاركاً لنا مثالاً لكي نتبع خطواته، وحينئذ سنختبر روح المجد والله، ولكن علينا أن نستودع أنفسنا للخالق الأمين في عمل الخير (١بطرس ٣: ١٤، ٢: ٢١، ٤: ١٤، ١٩).
إذن هناك آلام بحسب مشيئة الله للمنفعة ولخيرنا فنحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله (رومية ٨: ٢٨).
ما هي الدروس المستفادة من الآلام التي بحسب القصد الإلهي؟
  1. تنشئ صبراً. ما هو مفهوم الصبر؟؟
الصبر هو الاحتمال والقدرة على الاستمرارية، في وقت التحديات الصعبة (رومية ٥: ٣ ـ ٤)، الصبر ليس أمرًا سلبيـًا ولكنه الاحتمال الشجاع في مواجهة المصاعب،والشخص الناضج روحيـًا يتميز بالصبر (صبر المسيح ٢تسالونيكي ٣: ٥)، الصبر ضروري للإيمان في حياة المؤمن (لوقا ٨: ١٥)، والسؤال الآن: هل تطلب إله الصبر والتعزية في صلواتك؟ (رومية ١٥: ٤، ٥)، هل تتقابل مع إله الصبر والتعزية في قراءتك للإنجيل وتجد فيه كل الرجاء؟؟
  1. امتحان الإيمان ينقي من الشوائب (مثل عدم الإيمان، والشك...) "لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ... مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ" (1بطرس 1: 6)

  2. الامتحان يُنشئ ثبات راسخ ويُظهر طبيعة الإيمان الموجود.
نلاحظ أن يعقوب تناول موضوع الإيمان في بداية الرسالة وهذا يظهر فكر الرسالة بوضوح، وهو أن الإيمان هو أساس الحياة المسيحية، ومحور العلاقة مع الله...
إذن يعقوب ينفي أي اتجاه سلبي خانع ولكن يشير لشجاعة ورجولة تواجه الصعاب وتقاومها فمن آمن لا يهرب (إشعياء ٢٨: ١٦)، والروح التي تتماسك تحت الضغوط المختلفة بينما تنتظر أوقات الرب وتعويضاته ستتمتع بنضوج روحي يزداد من مرحلة إلى مرحلة "عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، " (رومية ٥: ٣- 5، ٢تسالونيكي ١: ٤، ٢كورنثوس ٦: ٥، ١: ٦).

" وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ " (يعقوب 1: ٤).
أغلب القول
في هذا العدد إشارة إلى نتيجة احتمال المشقات بفرح، وهنا يكرر كلمة الصبر والواو تضيف أكثر للصورة، والبعض يقول رأي آخر أنها تشير لخطر لابد وأن نحترس منه، لأنه يصعب احتمال الامتحانات الشاقة بدون شكوك، ومن السهل أن يتراجع الإنسان تحت وطأة وثقل الضغوط أو ينهار متراجعاً، مما يعوق الصبر أن يحقق نتائجه المرجوة، فها هو يذكرهم أن مهمتهم المستمرة أن يكون الثبات له عملاً تاماً، ليحقق أهدافه عملياً، فنضج الإنسان ليس هو النتيجة لمواجهة التجارب المتعددة ولكنه الطريق الذي من خلاله يتم به مواجهة الضغوط.
"إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا ... إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ." (أفسس 4: 13)

والسؤال هنا: ماذا عن إنسانك الروحي؟ هل أنت في طفولة أم نضج روحي؟ ماذا عنك في وقت الضغوط والامتحانات؟ هل يمتلئ فمك بكلمات الشكوى والأفكار السوداوية. ماذا عن الشفقة على النفس والاستسلام واللا مبالاة؟
الشخص الناضج يتمتع بالصبر والاحتمال أما غياب الصبر وعدم الإيمان فإنهما يسيران معاً وهما علامة على عدم النضج (عبرانيين 6 : 10-11 )
فيما يلي معاني بعض المفردات من الأصل اليوناني
امتحان: تترجم أيضا برهان وهي تأكيد أو approval. الرب يبرهن على إيماننا باجتيازنا الاختبارات المتنوعة ليظهر أن إيماننا أصلي غير مزيف أو مقلد
عالمين: الكلمة في اليونانية تشير للمعرفة الراسخة والاختبار الشخصي
ينشئ: زمن الفعل يشير لعملية الاستمرارية والفعل في صورة مركبة ويسبقها أداة تعطي الفعل قوة كاملة. إن العمل يستمر حتى نحصل على نتيجة ناجحة.  أي أن إمتحان الإيمان يستمر حتى نحصل على تأسيس ناجح يتأصل لأسفل (works down)
صبراً: من الكلمة اليونانية Hupo mone، وكلمة Mone تعني (يتسقر، ويمكث ويبقى) وكلمة hupo هي حرف جر بمعنى Under.
تامين: تستخدم للتعبير عما هو كامل وسليم وخالي من العيوب (شبه التعبير المستخدم في وصف حيوانات الذبائح الغير معيبة في شيء).
غير ناقصين: يقوي المعنى المستخدم بإضافة جملة منفية.
كاملين: إشارة للمؤمن الناضج والكلمة تصف النضج الأدبي ولا تتحدث عن الكمال المطلق واستخدمها يعقوب عدة مرات (يعقوب 1: ١٧، ٢٥، ٣: ٢) وهي عكس الطفولية (متى ٥: ٤٨).
9999339
ملخص الدرس :
ـ الله يريد أن يجعل منا أواني ناضجة متميزة بالصبر، لا نسبق الرب مثلما فعل إبراهيم وتزوج هاجر (تكوين١٦)، ولا نتسرع كموسى (خروج ٢: ١١)، ولا نندفع كبطرس (يوحنا ١٨: ١٠ ـ ١١).
ـ مدرسة الصبر الوحيدة هي اجتياز امتحانات وضغوط متنوعة.
ـ الله يعمل فيما ليعمل من خلالنا.
ـ دراسة الكلمة تنمينا في الصبر (رومية ١٥: ٤).
للبحث الشخصي:
ـ " كُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ " (يوحنا 15 :2 ).
أين تجد في الآيات التي درسناها هذا الأسبوع ما يؤكد كلمات الرب يسوع هذه؟
ـ " لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ " (١كورنثوس ١٣: ١١) هل هناك معنى مشترك في هذا العدد ما مع درسناه اليوم. ما هو هذا المعنى؟؟
ـ في سفر أيوب ١٣: ١٥ ـ ١٦ معنى يتفق مع حديثنا ما هو؟؟
الشاهد الكتابي للصلاة
" بِخَطَوَاتِهِ اسْتَمْسَكَتْ رِجْلِي. حَفِظْتُ طَرِيقَهُ وَلَمْ أَحِدْ " (أيوب ٢٣: ١١).

يمكنك ارسال أي مشاركات أو استفسـارات إلى البريد الالكتروني:   salam_akeed@yahoo.com

http://www.hdwallpapersinn.com/wp-content/uploads/2014/11/Cactus-Flower-HD-Wallpaper-for-iPhone.jpg