دراسـة في رسالة يعـقوب 4


رسالة يعقوب" الطريق إلى النضج الروحي"
الدرس الرابع
الاصحاح الأول
"اَلْحِكْمَةُ خَيْرٌ مِنْ أَدَوَاتِ الْحَرْبِ " (الجامعة 9: 18)

تحدثنا رسالة يعقوب في أكثر من موضع عن الصلاة، ليس فقط ما نطلب بل كيف نطلبه أيضـًا، لقد كانت الحكمة أمراً هاماً في العقيدة اليهودية حتى أن سفر الأمثال يمتلئ بمقاطع كثيرة عن الحكمة وأهميتها وأيضـًا عن الجهل وخطورته. ما هي الحكمة؟؟ وما هي مصادرها وضرورتها؟
أولاً: الحكمة هي الاستخدام الصحيح للمعرفة أو التطبيق السليم للمعلومات.
" بَدْءُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ، وَمَعْرِفَةُ الْقُدُّوسِ فَهْمٌ " (أمثال ٩: ١٠).

مصادرها: "لأَنَّ الرَّبَّ يُعْطِي حِكْمَةً. مِنْ فَمِهِ الْمَعْرِفَةُ وَالْفَهْمُ " (أمثال ٢: 6).
"الْمَسِيحِ ... صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرًّا وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً."(١كورنثوس ١: ٣٠)، و "الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ." (كولوسي 2: ٣)
"نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيمًا." (مزمور ١٩: ٧).
إذن الحكمة تُطلب بالصلاة وكلمة الرب تجعلنا حكماء "وَصِيَّتُكَ جَعَلَتْنِي أَحْكَمَ مِنْ أَعْدَائِي ... فَتْحُ كَلاَمِكَ يُنِيرُ، يُعَقِّلُ الْجُهَّالَ. " (مزمور ١١٩: 98، ١٣٠).

ضرورة الحكمة:
  • حكمة المرأة تبني  .... (أمثال 14: 1)
  • قنية الحكمة هي .... (أمثال 16: 16)
  • وقلب الحكيم يرشد فمه  ... (أمثال 16: 23)  
  • طوبى للإنسان الذي يجد الحكمة (أمثال ٣: ١٣).

ولكن ما علاقة الحكمة بالتجارب المتنوعة التي تحدث عنها يعقوب؟
يحث يعقوب قارئيه على الصلاة طلبـًا للحكمة، فلم يدفعهم لطلب نعمة أو قوة لاجتياز التجارب بل حكمة، ذلك لكي نفهم الغرض من الامتحانات كيف أنها لأجل النضج فلا يضيع منا الغرض بل تساعدنا الحكمة أن نفهم كيف نحيا ونتغلب على الظروف الصعبة لمجد الله ولخيرنا.
"وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ" (يعقوب ١: ٥) نعم إلهنا هو "الإِلهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ" (يهوذا ١: ٢٥). وهو يعطي الجميع (كل من يسأل يأخذ ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له (متى ٧: ٧ ـ ١١، ولوقا ١١) الله ليس عنده محاباة وحين يعطي يجزل العطاء بوفرة.
وكلمة سخاء لم تُذكر سوى مرة واحدة هنا، هو يعطي مجاناً وبلا مقابل، يعطي بوفرة ولا يوبخ من يطلب أكثر... ولكن العطاء مرتبط بالطلب أي الصلاة. لذا تشجع أن تصلي يومياً طالباً أن يملأك الروح القدس روح الحكمة والمشورة والفهم (إشعياء ١١: ٢).

هل هناك شروط للاستجابة أو بعبارة أخرى كيف نطلب؟؟
من يطلب عليه أن يصلي، نعم بإيمان وذهن ثابت، له نظرة أحادية (بسيطة). "وَلكِنْ لِيَطْلُبْ بِإِيمَانٍ غَيْرَ مُرْتَابٍ الْبَتَّةَ، لأَنَّ الْمُرْتَابَ يُشْبِهُ مَوْجًا مِنَ الْبَحْرِ تَخْبِطُهُ الرِّيحُ وَتَدْفَعُهُ" (يعقوب ١: ٦).
الإيمان هو أن تصدق وتثق أن الله يستجيب ويعطي وبوفرة وهو عكس الارتياب.
الارتياب هو الشك الذي يظهر واضحـًا في التذبذب. بمعنى أنه في بعض الأوقات يكون الشخص مرتفعـًا روحيـًا ومشغولاً بالأمور السماوية ومتمسكا بوعود الرب، ثم يهبط إلى القاع في أوقات أخرى لا يهمه سوى العالم والأشياء التي في العالم.. وهنا يشبه موج البحر تماماً الموج الذي يرتفع ثم يهوي. احذر إذن الإيمان الضعيف والروح المرتابة، انتبه للتأرجح بين النعم واللا.

ما هي خطورة التذبذب الروحي؟؟ الإجابة في كلمات يعقوب الرسول: "فَلاَ يَظُنَّ ذلِكَ الإِنْسَانُ أَنَّهُ يَنَالُ شَيْئًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ" (يعقوب 1: 7) لأن المرتاب يحمل صورة لانقسام الذهن، مثل موجات البحر المتتابعة (نفس كلمة تموج المياه) (لوقا ٨: ٢٤)، على هذا الشخص ألا يخدع نفسه منتظراً أن ينال شيئا.
الإيمان هو مفتاح المخازن الإلهية التي تهب الخيرات لمن يسأل. أما الشك هو المصاريع التي تغلق الأبواب وتوصدها.

كيف ننتصر على الإيمان الضعيف أو المتذبذب؟؟ علينا أن نعترف أولاً بخطية عدم الإيمان "وَكُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ" (رومية 14: 23) ثم نلجأ إلى "رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ " (عبرانيين ١٢: ٢). مصلين بطلبة صادقة: "أَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي" (مرقس ٩: ٢٤)، ونتغذى على كلمة الله ونلهج فيها لأن "الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ. " (رومية ١٠: ١٧).
"رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ " (يعقوب ١: ٨).

ما المقصود بتعبير ذو رأيين؟؟
هو نفس التعبير المذكور في (١ أخبار الأيام ١٢: ٣٣، ومزمور ١٢: ٢). يقصد به كما لو كان له قلبين أو شخصيتين واحدة تصدق والأخرى تشك، والنتيجة حيرة (لوقا ٢٤: ٤)، واضطراب (أفسس ٤: ١٤)، و(مرقس ٦: ٢٠)، هذا النوع من الشخصيات يحتاج إلى أن يبني إيمانه على أساس ثابت على صخر الدهور الذي لا يتزعزع، حجر الزاوية الكريم، الأساس المؤسس يسوع المسيح (إشعياء ٢٨: ١٦).  
إذن نحتاج أن نصلي بثقة وإيمان طالبين حكمة من الله ومتأكدين أنه سيعطينا لكي نفهم أن امتحانات إيماننا هي لخيرنا وليست لتحطيمنا أو أنها علامة على غياب محبة الله لنا.

أسئلة للبحث والدراسة الشخصية:
جاء في (٢ أخبار الأيام ١: ١٠، ومزمور ٩٠: ١٢، وكولوسي ١: ٩) معنى وطلبة صلاة تؤكد موضوع دراستنا اليوم، ما هي هذه الطلبة وهل تتشجع أن تصلي نفس الصلوات.  الشـواهـد (إشعياء ٥٠: ٤، وأفسس ١: ١٧ ـ ١٨، ٣: ١٦، كولوسي ١: ٦)، عطايا من السيد الذي يعطي الجميع بسخاء، ما هي عطاياه لك في الآيات السابقة.
"بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ " (عبرانيين ١١: ٦)، اشرح أهمية الإيمان في ضوء (أفسس ٦: ١٦، ١تسالونيكي ٥: ٨، عبرانيين ١٠: ٢٢).
في (متى ١٤: ٢٢ ـ ٣٣)، تحذير لنا جميعاً، ما هو وتتفق مع أي من آيات دراستنا هذا الأسبوع
"فَمِنْ أَيْنَ تَأْتِي الْحِكْمَةُ" (أيوب ٢٨: ٢٠) تسآل أيوب بهذه الكلمات هل تقدر أن تجيب إجابات كتابية؟؟

يمكنك ارسال أي مشاركات أو استفسـارات إلى البريد الالكتروني:   salam_akeed@yahoo.com